أقصانا لا هيكلهم .. فهل نستفيق قبل فوات الأوان؟
بقلم: ناصر الفضالة
صحيفة أخبار الخليج البحرينية 3/7/2005
كان على اليهود الصهاينة وأعوانهم احترام عقيدة المسلمين وعدم استفزازهم في تقديس المسجد الأقصى وتركهم أحراراً في تعبدهم فيه، ولكن تأبى طباع البغي والعدوان التي مردوا عليها منذ الأزل إلا أن ينتهكوا حرمته ويسعوا إلى هدمه تمهيداً لبناء «الهيكل الأكذوبة» مكانه، ولو تتبعنا الاعتداءات المتكررة لوجدناها تتسارع في الآونة الأخيرة وتتصاعد بشكل مريب. ولابد لنا من التعرف إلى كل أنواع هذه الاعتداءات على قبلتنا الأولى ومسرى نبينا الكريم ومن جملة هذه الاعتداءات:
* إحراق منبر المسجد الأقصى الذي صنعه نورالدين زنكي ووهبه صلاح الدين الأيوبي للمسجد الأقصى بعد ما قام بتحريره من الصليبيين.
* أصدر الكنيست الصهيوني قراراً بجعل المسجد الأقصى ملكاً عاماً لدولة الكيان الصهيوني.
* استولى اليهود على الجدار الغربي للمسجد الأقصى «حائط البراق» وأطلقوا عليه تسمية حائط المبكى وهدموا كامل الحي المجاور له «حي المغاربة» وجعلوا مكانه ساحة لحائط البراق، «المبكى» بزعمهم.
* شرع الصهاينة منذ عام 1967م حتى يومنا هذا في إجراء حفريات كثيرة تحت المسجد الأقصى وساحاته تصدع بسببها بعض الأساسات وتشقق بعض الأبنية والمرافق.
* حفروا بعض الأنفاق تحت الأقصى واتخذوا من إحدى تلك الأنفاق «كنيساً» لهم واستخدموا البعض الآخر للجولات السياحية.
* يطلق الجنود الصهاينة النار على المصلين ويرتكبون المجازر الشنيعة داخل ساحات الأقصى مما تسبب مرات عديدة في سقوط الشهداء والجرحى ومن أشهر تلك المجازر تلك التي حدثت في عام 1990م وسقط فيها 22 شهيداً.
* يقف الجنود الصهاينة عند أبواب الأقصى ويمنعون المصلين من غزة والضفة الغربية ومن تقل أعمارهم عن 40 عاماً من الدخول إلى الأقصى للتعبد والصلاة.
* حاول اليهود الصهاينة عدة مرات نسف الأقصى بالمتفجرات وعن طريق القصف بالطائرات جواً ولكن بقدر الله كانت تبوء تلك المحاولات بالفشل.
* لا يخفي اليهود هدفهم إقامة الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى بعد هدمه ويعمل العديد من أحزابهم ومجموعاتهم الدينية على تشجيع دولتهم على تحقيق هذا الحلم.
* حتى الآن تم لليهود الانتهاء من عشر مراحل تمهد لهدم الأقصى وإزالته نهائياً في غفلة من زعماء الأمة العربية والإسلامية ولا مبالاة من الهيئات الدولية.
وتتلخص المراحل العشر كما يلي:
المرحلة الأولى: تمتد من أواخر عام 1967م حتى نهاية عام 1968م وتميزت بحفر 70 متراً أسفل الحائط الجنوبي للمسجد الأقصى خلف المئذنة.
المرحلة الثانية: من عام 1969م حتى 1970م وتميزت بحفر 80 متراً من سور المسجد الأقصى .
المرحلة الثالثة: من عام 1970م حتى 1973م وصلت الحفريات الصهيونية خلالها إلى أسفل المحكمة الشرعية وخمسة أبواب هي السلسلة، والمطهرة، والقطانين، والحديد، وعلاء الدين البصري، إضافة إلى أربعة مساجد ومئذنة قايتباي وسوق القطانين. وأدت الحفريات وأعمال التهويد إلى تحويل قسم من المحكمة الإسلامية إلى كنيس، وتصدعت المعالم التاريخية لرباط الكرد والمدرسة الجوهرية.
المرحلتان الرابعة والخامسة: امتدتا من عام 1973م حتى أواخر 1975م وشملتا المنطقة الواقعة خلف الحائط الجنوبي الممتد أسفل القسم الشرقي للمسجد، وسور المسجد الأقصى الشرقي بطول 80 متراً، كما شملتا الأروقة السفلية للمسجد الأقصى.
المرحلة السادسة: بدأت عام 1975م وهدفت إلى إزالة قبور الصحابة وإقامة جزء من المتنـزه الوطني الصهيوني عليها.
المرحلة السابعة: جاءت تطبيقاً لمشروع اللجنة الوزارية الصهيونية لعام 1975م القاضي بضم الممتلكات الإسلامية نهائياً إلى حائط البراق (المبكى) واستمرار الحفريات تحت المحكمة الشرعية والمكتبة الخالدية وزاوية أبو مدين الغوث، وقد انهارت كلها إضافة إلى 35 بيتاً.
المرحلة الثامنة: تعتبر هذه المرحلة التي انطلقت مع بدايات الثمانينيات تحت شعار كشف مدافن ملوك «إسرائيل» من أخطر الحفريات التي طالت المسجد الأقصى، إذ حفر عدد كبير من الأنفاق التي لاتزال طي الكتمان. وأشار التقرير إلى افتضاح أمر قسم من هذه الحفريات على يد الشيخ رائد صلاح رئيس بلدية أم الفحم، وجمعية الأقصى ودائرة الأوقاف في القدس وفي هذه المرة وقعت مواجهات دامية بين المصلين والمستوطنين وخلالها بدأ الحفر تحت المسجد الأقصى مباشرة.
المرحلة التاسعة: بدأ تنفيذها عام 1981م وفيها أعيد فتح النفق الذي اكتشفه الكولونيل الإنجليزي تشارلز وارن وأغلق فيما بعد، فيما بدأت الآثار الصهيونية الحفر باتجاه المسجد الأقصى الشريف في الجانب الأسفل في منطقة المطهرة بين بابي السلسلة والقطانين مخترقاً باب المغاربة. ويمتد إلى المنطقة السفلى تحت المسجد الأقصى وزعمت سلطات الاحتلال أن الجدران المكتشفة في النفق تعود لهيكل سليمان وأطلقت عليه نفق الحشمونائيم. وخلال هذه المرحلة تم الحفر تحت المحكمة الشرعية وذلك عام 1987م تحت بناء المدرسة التنكيزية، واستمرار الحفر جنوب المسجد الأقصى نجم عنه تصدع العديد من العقارات والمدارس والمحال التجارية وانهيارها، ونجم عن الحفريات سقوط البوابة الرئيسة لدائرة الأوقاف.
المرحلة العاشرة: توجت هذه المرحلة بافتتاح جزء من نفق الحشمونائيم عشية عيد الغفران اليهودي مساء الاثنين 24 سبتمبر 1996م طوله 250 متراً، وأسفر إعلان افتتاحه بحضور كبار المسئولين عن اندلاع مواجهات هي الأعنف بسبب الأقصى، مما اضطر الحكومة الصهيونية إلى التراجع وإشاعة إغلاقه، وكانت حفريات الحكومة الصهيونية قد ساهمت في بلوغ طول النفق 400 متر، حيث يمتد من الحي الغربي العربي الإسلامي على طول أساسات حائط البراق أسفل الحرم حتى يصل إلى شمال الحي الإسلامي.
وهكذا يترك المسجد الأقصى المبارك وحيداً يواجه مصيره.. إنه مسجد أحزنه ضعف الساجدين الذين ينتشرون في أرجاء المعمورة.. فهل من معتصم جديد وهل من عزمة جادة كعزمة صلاح الدين؟ أم ترانا سنبقى سادرين في لهونا وغفلتنا حتى نستيقظ بعد فوات الأوان على صوت الانفجار الكبير.. «لا سمح الله»؟