أنـــــــــــا ونـــرجس

أنـــــــــــا ونــرجس
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فتاة في الخامسة عشر كانت تقف هناك على قارعة الطريق ترتدي زيا مزركشا وتضع على رأسها شالا أبيض خيطت على اطرافه خرزات بلون علم بلادي في تناسق فيه عز وكبرياء ، تحمل وعااء امتلاء بزهور النرجس "الرنجس" ، تقف في خجل وكلما شاهدت عربة قادمة قدمت بيدها وهي تحمل ضمة من زهر الرنجس استوقفتني هذه الفتاه لعشقي برائحة الرنجس ، ترجلت من عربتي وتوجهت اليها لأرى وجها صافيا اختلطت فيه عذوبة فلسطين وزادته ارجوانا قبلات أشعة الشمس ليعكس صورة ملاك وبراءة تناولت منها ضمة من الزهر الذي أعشق عبقه وناولتها خمسة دنانير وابتسمت لها تحية وداع كما استقبلتني بابتسامة الترحيب واللقاء ولما أدرت بظهري شعرت بخطاها تتبعني فالتفت اليها واذا بها تقول لي بخجل أن ليس معها فكة لخمسة دنانير فقلت لها لا أريد الباقي فقالت ولكن هذا كثير والباقي لك عندي أربعة من الدنانير فقلت لا ليس بالكثير فقد ابتعت منك ما لا يقدر بثمن عندي انه زهر النرجس الذي اعشقه وهو من عطر بلادي فيه عبق ثراها الذي يزكي الأنوف ويشفي القلوب فتوجهت نحو الوعاء وأخرجت ما بقي فيه من زهور وقدمتها لي لكي تجزيني حقي وما دفعته من ثمن لكنني أعدت اليها ما جلبته وقلت لها وهي تصر على أن أخذه اعتبريه هدية مني لك فاحمرت وجناتها خجلا وقالت لو كنت ابنتك فهل ترضى لها ان تقبل هدية من غريب فقلت لها اسمعي يا ابنتي نعم قد أكون مارا في هذا الطريق ولكنني لست بعابر سبيل دعيني أسألك لو كنت تملكين سبيلا للماء على هذا الطريق وجرعت منه شربة ماء فهل تطلبين مني الثمن فاجابت معاذ الله فقلت هات مطرتك تلك واسقني جرعة ماء وهكذا نكون قد تعادلنا في الأجر قالت ولكن كما قلت لا أخذ أجرا في السبيل فقلت كيف وزهرك أخذ الى القلب السبيل ، هلا علمت يا ابنتي أن مايأخذ سبيلة الى القلب لا يقدر بثمن وما أظن أن الخمسة دنانير تفيه حقه . ودعتها وأكملت المسير ، نظرت اليها من خلال المرآة فوجدتها تحمل الوعاء على رأسها وتنصرف فغمرتني السعادة قائلا من حق هذه البنية أن تنعم بعطر ماتزرع . فلسطين أنت العبق أنت السبيل الى القلوب ومهما قدمنا لك فداءا وافتداءا فلن نفيك حقك من قال يا وطني أنني يوما سأمر بك عابر سبيل فتقبلي مني أغلى هديه أن عبق ثراك في القلوب له السبيل .