مصطفى الصواف
ظن البعض أن زيارة عمر سليمان وزير المخابرات المصرية مصحوباً بوزير الخارجية أحمد أبو الغيط إلى رام الله هي خالصة لوجه الله تعالى، وأنها تصب في صالح الشعب الفلسطيني، ولكن المعلومات التي همس بها في أذني أحد المقربين في المقاطعة ممن كانوا على مقربة من اللقاء الذي جمع الوفد المصري والسيد محمود عباس خطيرة جداً، وهي تدل بشكل قاطع على أن النظام المصري هو من يقف حجر عثرة في طريق المصالحة الفلسطينية .
صحيح أن من حرك موضوع الحوار هو عمر سليمان في لقاءه بمكة بخالد مشعل، ولكن الزيارة الأخيرة لرام الله حملت شروطاً جديدة من عمر سليمان طرحها على محمود عباس حتى يضعها وفد فتح في لقاء دمشق الثاني على أرجح تقدير خلال هذا الأسبوع حتى تكون واضحة، وهذه الشروط التي فرضها عمرو سليمان واجبة التنفيذ والتمسك من وفد فتح، ودونها ستكون العواقب وخيمة على محمود عباس .
لن ندخل في العواقب التي هدد بها عمر سليمان محمود عباس، ولكن سأكتفي اليوم بطرح الشروط التي طرحت واجبة التنفيذ، والتي شدد عليها وزير المخابرات المصرية، وهي أن مصر ( النظام المصري) لن يقبل بأي حال من الأحوال أن يتولى قيادة أي جهاز أمني سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أي من عناصر حماس، أي أن هذا الأمر خط أحمر، وعلى المفاوض الفتحاوي وضعه في عين الاعتبار وهو يتفاوض، ولكن في نفس الوقت لا مانع لدى النظام المصري أن يكون من عناصر هذه الأجهزة الأمنية من هو من حركة حماس .
هذه الشروط يعلمها عمر سليمان كما يعلمها عباس أن حركة حماس لن توافق عليها وهي مرفوضة بالنسبة لها، هذا يعني أن المصالحة التي يعول عليها الشعب الفلسطيني لن تتحقق، والسبب هو الفيتو المصري بخصوص الأجهزة الأمنية، وهذا يؤكد للمرة الألف أن النظام المصري يقف حجر عثرة أمام تحقيق المصالحة، وهو الذي عطلها طوال المدة الماضية ولازال يعطلها، وأن ما جرى مع مشعل في مكة كان هدفه هو المفاوضات المباشرة، واستخدام حوار المصالحة غطاء لها، ونتيجة تعثر المفاوضات بات لا ضرورة لهذه المصالحة .
الموضوع الثاني الأكثر خطورة ما حمله عمر سليمان من موقف إسرائيلي نقله له المستشار الأمني لنتنياهو والذي زار القاهرة قبل وصول عمر سليمان إلى رام الله؛ هو أن المستشار الأمني أبلغ مصر ( وزير المخابرات المصرية) أن إسرائيل ستوجه ضربة عسكرية إلى قطاع غزة في نهاية العام الجاري، هذا يحاكي المؤتمر الصحفي الذي أعلنت من خلاله ليفني الحرب على غزة انطلاقاً من القاهرة والتي صمتت عنه، واليوم هي تصمت عن هذا القرار الإسرائيلي وأعلمت به عباس، حتى لا يفاجئ بمعرفة النظام المصري بنية قوات الاحتلال .
نفس المصدر الذي نقل هذه المعلومات أكد أن عمر سليمان أوضح لعباس أن المستشار الأمني لنتنياهو أكد له أن إسرائيل غير مرتاحة من أمرين متعلقين بقطاع غزة، الأول أنها غير مرتاحة من تنامي قوة حماس العسكرية، والأمر الثاني هو أن إسرائيل أيضا غير مرتاحة من هذه القوافل التي تعبر عبر الأراضي المصرية إلى قطاع غزة .
وهذان الأمران يعطيان مؤشراً أن الحكومة المصرية مقبلة على تشديد الحصار على قطاع غزة من خلال تعطيل دخول قوافل المساعدات إلى قطاع غزة ووفود التضامن عبر الإجراءات التي ستتخذ في هذا المجال، وكذلك ستشدد من مراقبتها للحدود والأنفاق وغيرها من القضايا التي تحد من وصول أي نوع من أنواع الأسلحة إلى قطاع غزة، وهذا قد نلمسه خلال الفترة القادمة .
نحن نتحدث اليوم؛ لوضع المواطن الفلسطيني أولاً، والعربي والإسلامي من الموقف المصري من حركة حماس، ومن قطاع غزة ودورها في التشريع للعدوان والحصار على قطاع غزة ومن تعطيلها للمصالحة الفلسطينية .
ما نتحدث به ليس من باب النيل من مصر، فمصر أكبر من أن ننال منها، ولكن طرح هذه الأمور الآن من أجل أن تتضح الصور أمام الجميع، وتكشف طبيعة هذا النظام وما يسعى إليه من تحقيق المصالح الإسرائيلية والأمريكية على حساب مصالح الشعب الفلسطيني، وأن هذا الحراك المصري لم يكُ من أجل المصلحة الفلسطينية كما يظن البعض