ساعات قليلة قضاها أعضاء قافلة شريان الحياة 5، في قطاع غزة المكلوم؛ شعرنا بأنها شهور وسنوات، لم يتركوا ثانية ولا دقيقة قضوها في غزة، إلا وكانت لهم فيها حكاية مع أهل غزة، حكاية مع الأطفال الصغار، وحكاية أخرى مع العائلات المنكوبة وحكاية ثالثة مع البيوت المهدمة، وحكاية رابعة مع شجر الزيتون الذي لم يقطف على حدود الوطن المجروح، حكايات لا تنتهي، ولن تنتهي مع هؤلاء الأحرار من شتى بقاع الدنيا، لن تنتهي لأنهم وعدونا أنهم سيعودون، سيرجعون عبر البر والجو والبحر، سيعودون ومعهم كل حر وشريف على هذه الأرض، سيعودون يحملون معهم الأمل لشعب طالما حلم بالحرية والعودة وتقرير المصير.
غادرَنا أعضاء القافلة بعدما شاهدوا نماذج عظيمة من أبطال فلسطين الذين يعيشون في ظل الحصار الظالم، ومع ذلك أعطوا نموذجا رائعا في شتى المجالات، شاهدوا الطبيب البارع مع العمليات الجراحية المعقدة، وشاهدوا المؤسسات الإغاثية التي ترعى أبناء فلسطين، وشاهدوا المواهب والأنشطة الهندسية والرياضية والفنية، دمعت عيونهم وهم يسمعون غناء أطفال غزة في الميناء التي كانت تتزين و تتهيأ لاستقبال سفينة مرمرة قبل شهور قليلة وجاء بعض من كانوا على متنها وشاركوا مع هذه القافلة، رقصوا مع زهرات فلسطين ليخففوا من آلامهم و يضمدوا جراحاتهم، شاهدوا مؤسسات التعليم العالي التي أضحت تنافس كبرى جامعات العالم، شاهدوا براءات الاختراع بأيدي فلسطينية أصيلة و إمكانيات متواضعة، شاهدوا اللوحات الفنية التي تجسد أوضاع الأسرى في السجون، جلسوا تظللهم السماء في قاعة المجلس التشريعي، في المبنى الذي سبق أن دمرته صورايخ الظلم الصهيونية.
كل هذا وغيره الكثير الكثير؛ شاهده هؤلاء الأحرار، فهنيئًا لك يا شعب فلسطين، بهذه الانجازات العظيمة، فقد أصبح لك ما يزيد على ثلاثمائة سفير فلسطيني، فهو وإن كان ليس فلسطيني الجنسية، لكنه فلسطيني الهم والوجدان، وصاحب الرسالة الذي سيعود لدياره حاملا معه رسالة الخير والإسناد لشعب أثبت أنه يستحق الحياة، وأن على كل حر شريف في هذه الدنيا أن يتحرك لنصرة أعظم وأعدل قضية عرفتها الدنيا، والقضاء على السرطان الذي استبد بظلمه وجبروته، وانتشر في جسد العالم الحر.
ختاماً... كلمتنا لكم أيها الأحرار: شكرا لكم أيها الكبار، ولا تتأخروا علينا طويلا، عودوا سريعاً، فإننا نسعد برؤيا الطيبين أمثالكم، فأنتم ببساطة تذكروننا بنماذج العظمة والرجال الذين تحركت فيهم الحمية يوماً فتوجهوا صوب القدس والأقصى فاتحين.