عماد الفلسطيني المدير العام
عدد المساهمات : 1962
تاريخ التسجيل : 21/03/2009
| موضوع: أسرة "أمين رماحة".. قدمت شهيدين وأسيراً الجمعة أكتوبر 08, 2010 12:36 pm | |
| تتواصل حكاية محافظة نابلس مع الألم بارتكاب قوات الاحتلال المزيد من الجرائم، ذلك الألم الذي تواصل على مدار سنوات من الاجتياح والحصار والدمار ،وينهض المواطنون يوميا على أمل أن تعود المحافظة إلى حالها، بعد ان يكونوا قد ناموا ليلا على أصوات الانفجارات التي تهز أنحاء المكان. وتستيقظ نابلس كل صباح معلنة رفضها لكل هذا القتل بعد أن تكتشف مزيدا من الجرائم، والدمار.
تلك المحافظة التي تقبع على هامش كبير من الألم، تتقاسمه بمرور الأيام، وفي كل قسم هناك ألم مشترك ومميز، مخيم عين بيت الماء الذي أصبح مسرحا لعمليات الاحتلال بينما بات المكان يعاني حصاراً داخلياً يقتل كل أمل بالحياة.. انها جرائم مأساوية ترتكب بمعزل عن أنظار العالم.
"كانت حياتنا قبل أن يخطف غربان الاحتلال أبنائي الثلاثة بين شهيد وأسير في أحسن أحوالها رغم جميع ظروف القهر التي نعيشها" بهذه العبارات الموجزة تحدث المواطن أمين محمد رماحة "أبو جهاد" 53 عاما من بلدة سلمة قضاء يافا وسكان مخيم عين بيت الماء حاليا الذي قدم اثنين من أبنائه شهداء وثالثا أسيرا في سجون الاحتلال.
قبل أن يبدأ الاجابة على أسئلة "الحياة الجديدة" أجهش بالبكاء الى الحد الذي جعل الحضور ومن بينهم اثنان من الزملاء الصحفيين يضعون رؤوسهم بين أكفهم في محاولة منهم لمنع دموعهم، فليس من السهل على رجل عرفت عنه الصلابة طيلة حياته أن يبكي وبهذا الشكل الذي يبكي الصخر.
قال أبو جهاد بأنه ورغم افتخاره بأبنائه وما قاموا به من أجل فلسطين وكرامة شعب فلسطين، الا انه وكأب يشعر بالأسى للعديد من الاسباب اهمها دون شك هو ذلك الفراغ القاتل التي خلفه فقدانه لثلاثة من أبنائه رغم وجود أحدهم في الأسر ووجود ابنه الوحيد المتبقي ابن ال14 عاما، الا أنه يجد نفسه يوميا أمام ابنيه الشهيدين اياد ومحمد وابنه الاسير جهاد والمحكوم 12 عاما، دون أن يكون قادرا على معانقتهما كما اعتاد بفعل الارهاب الاسرائيلي.
ويستذكر ابو جهاد الذي يعاني من تصلب بالشرايين وانزلاقات غضروفية ليلة اعتقال نجله جهاد حيث باغتت قوات كبيرة من جيش الاحتلال منزله في مخيم العين وعاثت فيه تخريبا متعمدا قبل أن تقتاد نجله البكر وتلقي به في غياهب سجونها بتهمة مقاومة الاحتلال ضمن صفوف حركة الجهاد الاسلامي.
ولا يخفي ابو جهاد ان اعتقال نجله البكر قد هزه كثيرا خاصة وأنه كان يسانده في توفير احتياجات معيشة الاسرة، الا أنه يؤكد بأنه بقي يعيش على الأمل ان يطلق سراحه في اقرب صفقة اسرى. ويقول بان الذي جعله يشعر بالفخر بعد ذلك بقدر الحزن الذي خيم عليه وعلى زوجته سماعه نبأ استشهاد نجله "اياد" ابن ال19 ربيعا، ويوضح معنى فخره أن هذا الابن الصغير تمكن من قهر الجيش الذي لا يقهر بعد أن استطاع اقتحام مستوطنة إيتمار الجاثمة على صدور المواطنين شرق نابلس واستمر في مواجهة مع جنود الاحتلال والمستوطنين ليلة بطولها واستشهد بعد أن قتل وجرح عددا كبيرا من المحتلين.
ويستذكر ابو جهاد قائلا: "كان إياد رحمه الله طالباً في الثانوية العامة، وبتاريخ 20/6/2002 يوم تنفيذ عمليته الاستشهادية البطولية وبعد تقديمه لامتحان اللغة الإنجليزية عاد إلى بيته وتناول طعامه الأخير وخرج مودعاً اهله دون أن نشعر بأي شيء غير طبيعي عليه، وكأنه متوجه الى نزهة" كما يقول والده.
ويؤكد ابو جهاد بان اياد شأنه في ذلك شأن بقية اشقائه كان محباً لأهله واخوته صدوقاً مع اصدقائه وفياً صلباً ترى الخشونة والرجولة في عيونه وتصرفاته في المواقف الجاده وترى الحنية والمحبة في تعامله مع من حوله.
ويشير الى ان مقولة اياد التي كان يرددها دائماً (( أن نموت على هذه الأرض رجالاً … خير من أن نحيا عليها جبناء ))، مضيفا بان اياد والذي كان ناشطا في صفوف الجبهة الشعبية، كان شديد الحب لوطنه وأرضه التي رواها بدمائه هو ورفاقه من الشهداء، وقد كان ناشطاً في المجالات الاجتماعية والوطنية وفي مختلف المجالات وعلى جميع الأصعدة في مخيمه الذي احبه وحزن على فراقه.
أما عن الشهيد "محمد" 25 عاما الذي قضى برصاص القوات الإسرائيلية الخاصة فيوضح والده انه كان ناشطا مع حركة فتح حتى قبل استشهاده بحوالي عام حيث علم لاحقا انه كان ينشط مع حركة حماس وخاصة جناحها العسكري "كتائب القسام" التي زودته ببعض قطع السلاح الخفيف، وكذلك مع حركة الجهاد، موضحا بان "محمد" رحمه الله كان يعشق العمل النضالي المشترك بين كافة الفصائل.
ويستذكر ابو جهاد بعض الليالي الساخنة التي كان يعيشها في المخيم خلال عمليات الاقتحام التي كانت تنفذها قوات الاحتلال بهدف قتل أو اعتقال "محمد" ورفاقه، ويقول بان ضباط الاحتلال كانوا ينادون عبر مكبرات الصوت قائلين: "سلم حالك يا محمد، أتعبتنا وأتعبت حالك"، ويضيف بان قوات الاحتلال اعتقلته في إحدى المرات بهدف الضغط على "محمد" لتسليم نفسه.
ويقول ابو جهاد انه علم لاحقا بأن نجله الشهيد الثاني "محمد" كان فعلا قد أذاق قوات الاحتلال الأمرين، موضحا بأنه علم من بعض المقاومين ان نجله كان قد نفذ العديد من عمليات تفجير العبوات في جنود وآليات الاحتلال كما شارك في عشرات الاشتباكات المسلحة التي دارت في المخيم وغيره من المواقع، كما كان يعد الأحزمة الناسفة للاستشهاديين.
ويستذكر يوم استشهاد نجله قائلا بأن "محمد" كان عائدا من مكان كان رابضا فيه وكان برفقة أحد اصدقائه وهو الشهيد عمار الزقزوق وبعد وصولهما الى محيط المخيم فوجئ محمد بسيارة للقوات الاسرائيلية الخاصة فحاول الافلات منها لكن رصاص الاحتلال نال من صديقه بينما هو تمكن ورغم اصابته القديمة التي كان قد اصيب بها قبل بضعة سنوات برصاص الاحتلال في قدميه، إلا أنه تمكن من الوصول الى احد أزقة المخيم، وفيما هو يحاول اخذ ساتر للبدء في الاشتباك مع جنود الاحتلال تعثر ووقع على الأرض، وخلال ذلك تمكن الجنود من إصابته إصابة غير قاتلة، مؤكدا ان شهود عيان أوضحوا له ان ضباط الاحتلال وصلوا اليه وهو جريح وكان بإمكانهم اعتقاله لكنهم أعدموه بدم بارد، فيما استشهد صديقه الزقزوق لاحقا في احد المشافي الإسرائيلية.
| |
|