عماد الفلسطيني المدير العام
عدد المساهمات : 1962
تاريخ التسجيل : 21/03/2009
| موضوع: أسماء حامد.. إذ تعزف سيمفونية العز والفخار الجمعة أكتوبر 08, 2010 12:24 pm | |
| ثمة معايير ترفعها دولة الكيان فجأة لتحدد مستوى همجيتها في عالم أقرب بالصامت الضائع ، معايير طُبقت على أناس هم للطهر عنوان ، ولعبير الأمل وصوت الحق مصدر ومكان ، قد يكون العالم بأسره يعلم معايير إسرائيل الظالمة ، لكن هل جرب أحدهم أن يتكلم ، فلقد رأينا كيف توارت الخطابات عن قضيتهم ، وكيف سكن الصمت قلوبهم ، فلا أحد يسمع ولا أحد يرد ، وكأن هناك من ألزمهم الصمت وأوجد لهم تبريرات حتى لا يناقشوا بأي شيء!
حينها ليس أسخف من الكلام بأمل يقظة هؤلاء القوم ، فكل التبريرات ، والحجج قد غطت على عقولهم فلا مجال للنقاش ! حينما تعتبر إسرائيل نفسها دولة العدل والقانون والسلام ، حينما تقنع العالم بأنها دولة الديمقراطية والإنسانية ، عندها فليخرس الهراء ... ولندع للحقيقة أن تتحدث ، وللواقع المر الأليم الذي يحياه آلاف الفلسطينيين في سجون الصهاينة من ظلم وتعذيب وإهانة للكرامة الإنسانية في غرف التحقيق أن يرووا لنا تفاصيل صمودهم وألمهم .!
أسماء حامد .. زوجة الأسير الذي كان يحمل اسم مطلوب رقم "1" لإسرائيل ، اسم يحمل عناوين من الثبات والصبر ، وميلاد أمل دافئ ، وقلب لثم اليقين بعفو ربه فبرد واطمئن ، فما ضرها ليل يغور حبيباً فشمس الحرية تصحبه رغم أنه مازال في زنزانة تبلغ مساحتها 1.8م ×207م تشمل الحمام ودورة المياه ولا يوجد مكان أو متسع للمشي أو حتى متسع لحاجيات الأسير ، وتتميز غرف العزل بقلة التهوية والرطوبة ولا يوجد فيها سوى شباك صغير مساحته 8سم ×10سم ، مما يتسبب في انتشار الأمراض وخاصة أمراض الجهاز التنفسي ، وعقوبة العزل التي فرضتها إسرائيل على الأسير الفلسطيني إبراهيم حامد المولود في قرية سلواد شرق رام الله والذي يبلغ من العمر 38 عاماً ، والمقاوم الصنديد الذي استمرت مطاردته ثماني سنوات نفذ خلالها عمليات فدائية أشهرها عملية مقهى "مومنت " وعملية الجامعة العبرية ، وعملية "ريشون ليتسيون " ويعتبر الجيش الإسرائيلي أن إبراهيم حامد أودى بحياة أكثر من 68 صهيونيا، إذ تعتبرها محاولة منها لكسر إرادته وتحطيم نفسيته حيث يعيش معزولاً عن العالم الخارجي ولا يستطيع الاتصال بأي إنسان كان سوى السجان ، لتنكب على وجهها في النهاية وتتحطم أسطورتها أمام ذاك الجبل الأشم الذي لم يعترف حتى بأن اسمه " إبراهيم حامد".
أسماء حامد التي ترسل لزوجها المعزول من ثلاثة عشر عاماً آلاف الأمنيات ومساحات كبيرة من الأشواق ، فهي الأسيرة التي جربت معاناة الاعتقال والبعد عن أبنائها ، وقد تم نفيها عن أرضها إلى الأردن لزيادة المعاناة وظناً منهم أن إرادة أسماء ممكن أن تنكسر ، هل علموا أن أسماء وإبراهيم تهاوت أمامهما كل الصعاب والمصائب فهم مدركون منذ بداية الطريق أنهم حاملون لقضية شعبهم ، يدافعون عن حقهم وأرضهم وقدسهم ، وكرامة أقصاهم ، فماذا تضر كل تلك العذابات ، فهم على يقين دائم بأن الوطن سيضمهم يوماً ولعله يكون قريباً.
تحدثت أسماء عن قصة أسرها وطريقة إبعادها وصعوبة تواصلها مع زوجها الأسير المعزول المتوقع أن يصدر ضده أعلى حكم في تاريخ السجون ، فخلت نفسي وأنا استمع إليها أنني أمام امرأة من ذلك العهد القديم التي سجل التاريخ قصصهن ورسم بطولاتهن ، تجلس جلسة الواثقات وتتحدث حديث الصابرات تروي حكايتها مع السجن والسجان والإبعاد ، نظرت إلى يديها وتخيلت تلك الأصفاد التي قيدت اليدين واقتادتها إلى زنزانة صغيرة قذرة وحدثتني نفسي بصوت مخنوق " أما بقي في الأمة معتصم ولا نخوة رجل ؟! ". تخيلت حالتها النفسية يوم أن تركت ولديها الصغيرين عند والدة زوجها المطارد المطلوب رأسه بأي طريقة ، وهي ترزح تحت قضبان السجان .. كم كانت طويلة تلك الليالي يا أم علي ، وكم كانت شاقة تلك الأيام فرطوبة زنزانتك وضيقها ونظرات السجان وإجراءاتهم الأمنية وعمليات التفتيش اللاإنسانية وكلامهم الذي يخدش الحياء ليس لأمثالك لو بقي في الأمة عزيز .! ولو بقي في الأمة بقايا عزة!. تحدثت أسماء المبعدة ظلماً وقهراً عن وطنها بعد العام الذي أمضته في سجون الاحتلال وعن ممارسات إدارة السجون وعن أساليب الإذلال والتحقيق ، وعن رفيقات قيدها وعن حرمانها رؤية ولديها " علي وسلمى " وخلال حديثها عزفت سيمفونية عز وفخار إذ أعربت عن ثقتها بالمقاومة وبرفاق درب إبراهيم الذين لم يرضخوا لمطالب إسرائيل ولم يهزموا أمام رفضها الإفراج عن زوجها الذي لطالما طارد الاحتلال وقض مضاجعهم ، فكان صاحب أكبر وأخطر ملف عند المخابرات الإسرائيلية لأطول فترة قضاها فلسطيني في المطاردة.
وتواصل أسماء حديثها بعينين متلألئتين عندما سألت عن إبراهيم وعن توقعاتها لموعد اللقاء وعن شوق ولديها لوالدهما وعدم تمكن العائلة من رؤيته لحرمانهم من الزيارة ، فكان حديثها حديث الواثقة بالمقاومة بعد ثقتها برحمة ربها ، بأن موعد الفرج قريب وليس على الله بعزيز ، حديث أسماء التطميني ، حديث يجب أن لا يكون مقابله إلاّ فعل يتجسد في تنفيذ أمنيات أسماء وولديها " علي وسلمى " وكل ابن زوجة وأم أسير فلسطيني الذين لطالما حلموا باللقاء ولم الشمل. | |
|