من إعلاميةٍ تتابع تفاصيل انتهاكات الاحتلال إلى مجاهدةٍ مشاركةٍ في صناعة الحدث الكبير؛ دفاعًا كرامة شعبها وأمتها.. هكذا تحوَّلت الأسيرة المجاهدة أحلام التميمي التي تربض في سجون الاحتلال إلى جانب ثلةٍ من الأسيرات الفلسطينيات؛ لا تفارقها الثقة ولا الأمل في قرب لحظة الإفراج مهما حاول الاحتلال أن يروِّج رفضه الإفراج عنها ضمن صفقة التبادل. الولادة والنشأة وُلِدت أحلام في 20-10-1980 في مدينة الزرقاء الأردنية لعائلةٍ فلسطينيةٍ تعود جذورها إلى قرية النبي صالح قرب رام الله، وأكملت دراستها الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينة الزرقاء، وعادت إلى فلسطين لتلتحق بقسم الصحافة والإعلام في جامعة بيرزيت، ولم يبقَ على تخرُّجها سوى فصلٍ واحد عندما اندلعت انتفاضة الأقصى، وشهدت الأراضي الفلسطينية عنفًا غير مسبوق تمثل في سياسة الاغتيالات المروِّعة التي نفذتها حكومتا مجرمي الحرب إيهود باراك وخلفه آرئيل شارون. الإعلام وسيلة مقاومة حاولت أحلام أن تُحارب الاحتلال بطريقتها، فركزت في البرنامج الذي قدَّمته في تلفزيونٍ محليٍّ يُبثُّ من مدينة رام الله اسمه "الاستقلال"، على رصد ممارسات الاحتلال، ومن خلال عملها الصحفي الميداني اصطدمت أحلام بواقعٍ مريرٍ وقصصٍ وحكاياتٍ مأساويةٍ سبَّبها الاحتلال، فقرَّرت أن تخطوَ خطوةً أخرى كبيرة في الوقت الذي رآها زميلها في كلية الصحافة والإعلام وائل دغلس العضو في "كتائب القسام" مناسبةً للانضمام إلى "الكتائب". واستشار وائل قيادته التي كان يقف على رأسها عبد الله البرغوثي الذي يقف خلف سلسلة العمليات الموجعة والمبتكرة. الخطوة الأولى في "القسام" وعبد الله البرغوثي الذي تولى قيادة "كتائب القسام" في الضفة الغربية في فترةٍ حرجةٍ له صفات تشبه كثيرًا صفات أحلام؛ فكلاهما عادا من الغربة، وعلى قدرٍ كافٍ من الذكاء والحماس والمشاعر الوطنية والدينية الدافقة، وكانت لهما أحلامٌ كبيرة في الحياة ورحلة مع النجاح. وتم الإيعاز إلى دغلس بتجنيد أحلام التي أصبحت أول امرأة في "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، وبدأت مرحلةً جديدة من العمل، وأصبحت الطالبة الحالمة والصحفية المجتهدة امرأة من نوعٍ آخر؛ كانت في سباقٍ مع الوقت للمشاركة بتنفيذ عمليات في القدس الغربية. وبعد عملية إعدادٍ لها نفَّذت أول نشاطٍ لها في 27-7-2001 عندما بدأت بالتجوُّل في شوارع القدس الغربية، وكانت مهمتها اختيار أماكن لتنفيذ عمليات استشهادية كان عبد الله البرغوثي يخطط لتنفيذها انتقامًا لكل عملية اغتيال. أما عملها الأبرز فكان مساعدتها في تنفيذ الهجوم الاستشهادي الكبير الذي هز القدس المحتلة يوم 9-8-2001، ووصلت تداعياته إلى صناع السياسة الإقليميين وفي العالم. تجوَّلت أحلام في القدس بسيارتها وحدَّدت الطريق التي سيسلكها الاستشهادي عز الدين المصري من رام الله إلى القدس المحتلة، وفي اليوم التالي حملت آلة الجيتار التي فخخها عبد الله البرغوثي، واصطحبت عز الدين المصري، وطلبت منه وضع الجيتار على كتفه وحدَّدت له الموقع، وتركته يذهب في رحلته الأخيرة، بينما هي قفلت عائدة إلى رام الله. ثباتٌ وتحدٍّ في وجه المحتل عندما أُلقي القبض عليها بعد ذلك تعرَّضت لتعذيبٍ قاسٍ، وحكمت محكمة صهيونية عسكرية عليها بالسجن المؤبد 16 مرة، أي 1584 عامًا، مع توصية بعدم الإفراج عنها في أية عملية تبادل محتملة للأسرى. وواجهت أحلام الحكم بابتسامةٍ وكلمةٍ وجَّهتها إلى القضاة: "أنا لا أعترف بشرعية هذه المحكمة ولا بكم، ولا أريد أن أعرِّفكم إلى نفسي اسمًا أو عمرًا أو حلمًا.. أنا أعرِّفكم إلى نفسي أفعالاً تعرفونها جيدًا، في هذه المحكمة أراكم غاضبين، وهو نفس الغضب الذي في قلبي وقلوب الشعب الفلسطيني، وهو أكبر من غضبكم، وإذا قلتم إنه لا يوجد لدي قلبٌ ولا إحساسٌ، فمن إذن عنده قلب؟ أنتم؟! أين كانت قلوبكم عندما قتلتم الأطفال في جنين ورفح ورام الله والحرم الإبراهيمي؟!.. أين الإحساس؟!".
|